«استقامَ» متعدّية، مع أنّه لم يرد في كتب اللغة متعدّية بهذا المعنى. ویُحتمل أيضاً أن يكون اللفظ مجروراً بالباء وأن يكون لفظ «استقامة» معطوفاً عليه، وعلى هذا الفرض لا نواجه إشكالاً مع عدم تعدية «الاستقامة»، لكنّي لم أجد كلمة تناسب هذا الشكل ولها معنىً يناسب المقام.
النموذج الخامس عشر: في الحديث (۱۶): «من استغنى باللّٰه افتقر الناس إليه، ومن اتّقى اللّٰه أحبّه الناس وإن كره». في المخطوط: «كره»، وفي كشف الغمّة: «كرهوا»، فإن كان الضمير هنا في «كره» راجعاً إلى «مَن» فهو صحيح، ولكن إن كان الضمير راجعاً إلى «الناس» فهو تصحيف، حيث لا يوافق القواعد، ويجب أن يقال: «كرهوا» كما في كشف الغمّة، ويختلف المعنى في الحالتين، فعلى الأوّل: معناه أنّ الناس يحبّونه وإن كان المتّقي يكره محبوبيتَه عندهم، وعلى الثاني: معناه أنّ المتّقي محبوبٌ عند الناس وإن كان الناس لا يريدون محبوبيته عندهم، كما هو واضح. لكنّ أصل المعنى بينهما واحد، وأعتقد أنّ هذه الاختلافات لا يمكن أن يبني عليها شيء بعد وجود ظاهرة النقل بالمعنى و....
النموذج السادس عشر: في الحديث (۷۹): «ومَن نَظَّفَ ثَوبَهُ قَلَّ هَمُّه»، لكنّ الموجود في المخطوط هكذا: «ىصف نوبه»۱، فلذا ربّما يُقرأ: «من يَصِفْ نَوْبَه»، وله وجهٌ؛ لأنّ «النَوْب» في اللغة بمعنى المصيبة۲، وعليه فمعنى الجملة: إذا وصف الإنسان ما نزلت به من المصيبة والبلاء يخفّف من همه وغمّه، وهذا نوعُ تسكينٍ له.
هذا، لكنّ التوصية بهذا الأمر لا ینسجم مع ما ورد من الروايات في مدح كتمان الوجع والبلاء. ومن جهة أُخرى فقد وردت الفقرة في بعض المصادر الأُخرى۳ هكذا: «من نظَّف ثوبه قلّ همّه». فمِن جميع ذلك يبدو أنّ «نظف ثوبه» هو الأصل ووقع تصحيفٌ في المقام، فلذلك أثبتُّه في المتن.
وهناك نماذج أُخرى ذكرتُها في هوامش الكتاب، وأكتفي بهذا المقدار هنا.