33
أحاديثُ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ علیه السّلام برواية عبد العظيم الحسني رحمه الله

سيتّضح قريباً إن شاء اللّٰه تعالى.

في البداية لابدّ من الإشارة إلى ترجمة الجُنابذي، ثمّ أقدّم تعريفاً لكتابه باختصار، ثمّ أقوم بتحليل الاشتراكات بين الكتابين.

ترجمة ابن الأخضر الجُنابَذيّ (۵۲۴ - ۶۱۱ ه‍)

عبد العزيز بن أبي نصر محمود بن المبارك بن محمود، الحافظ أبو محمّد، ابن الأخضر، الجُنابذي۱ الأصل، البغداديّ. قال الذهبي في تاريخ الإسلام: «كتب الكثير، وعنيَ بالفنّ أتمّ عناية... وحصّل الأُصول، وغالى في أثمانها، وحدّث نحواً من ستّين سنة، وصنّف تصانيف مفيدة. وكان حافظ العراق في زمانه... وتخاريجه تدلّ على حفظه وتبحّره، وكان ثقة صالحاً ديّناً عفيفاً»۲. ووصفه في سير أعلام النبلاء ب«الإمام العالم المحدّث الحافظ المعمّر مُفيد العراق»۳.

وقال الدبيثي: «لم أرَ في شيوخنا أوفر شيوخاً منه ولا أغزر سماعاً»۴.

وقال ابن النجّار: «لم يكن في أقرانه أكثر سماعاً منه، ولا أحسن أُصولاً، كأنّها الشمس وضوحاً، وعليها أنوار الصدق»۵.

وقال ابن نقطة: «كان ثبتاً ثقة مأموناً، كثير السماع واسع الرواية صحيح الأُصول، منه

1.. هي نفس مدينة "گناباد" حالياً في محافظة خراسان في إيران، كما يبدو ممّا ذكره الياقوت: "جُنَابذ... من نواحي قهستان من أعمال نيسابور، و هي كورة يقال لها كنابذ" معجم ‏البلدان، ج‏۲، ص۱۶۵ وقال ابن رجب: "و «الجنابذ» - يعني: التي ينسب إليها - بضم الجيم و فتح النون و بعد الألف باء موحدة مفتوحة و ذال معجمة: قرية من قرى نيسابور". طبقات الحنابلة (الذيل عليها)، ج‏۴، ص۸۱ وجدير بالذكر أيضاً أن كثيرا من الكلمات الفارسية كانت "الذال" فيها بدل حرف "الدال" ثمّ تغيرت فیما بعد وأبدلت بـ"الدال"، لكن الكلمات الفارسية التي دخلت في العربية في القرون القديمة بقيت الذال فيها كما في صورتها البدائية ولم تتغير لأنّها دخلت في العربية قبل هذا التغيير كـ"النموذج" و"الفالوذج"و... .

2.. تاريخ ‏الإسلام، ج‏۴۴، ص۷۴.

3.. سير أعلام النبلاء، ج۲۲، ص۳۱.

4.. تاريخ ‏الإسلام، ج‏۴۴، ص۷۵ و باختلاف يسير في تذكرة الحفاظ، ج۴، ص۱۳۸۴.

5.. نقل عنه ابن رجب الحنبلي في طبقات الحنابلة (الذيل علیها)، ج‏۴، ص۸۰ و ابن عماد الحنبلي في شذرات ‏الذهب، ج‏۷، ص۸۶.


أحاديثُ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ علیه السّلام برواية عبد العظيم الحسني رحمه الله
32

نعم يُحتمل أنّ دلالة الخطبة على الكلام الطويل في بعض هذه الشواهد كانت لأجل قرينةٍ ما، كأنس المسلمين بخطبة صلاة الجمعة ومثلها. لكن من مجموع ما تقدّم يتّضح أنّ الخطبة تُطلق على الكلام الذي له صدر وذيل وبداية ونهاية.

نعم، يُحتمل أنّ الكلمة كانت بالمعنى العامّ (أي المعنی اللغوي) في العصر الجاهلي وبداية الإسلام، بحيث كانت تُستعمل أحياناً في جملة قصيرة أيضاً، كما أنّ أكثر الشواهد التي تدلّ على المعنى العامّ للكلمة هي من القرن الأوّل الهجري فقط.۱

لكنّ اسم هذا الكتاب من تسمية مؤلّفه عبدالعظيم، ولَعلَّه لم يكن له اسم وسماه النجاشي أو آخرون به. فعلى أيّ حال، فإنّ هذه التسمية تعود إلى أواسط القرن الثالث على أكثر تقدير، مع أنّه لم یكن شائعاً إطلاق الخطبة آنذاك على الجملات القصيرة، خصوصاً مع أنس المسلمين بالخطبة علی المنبر و....

يتلخّص ممّا تقدّم أنّ «الخُطَب» لا تُطلق على هذه الكلمات القصيرة في كتابنا هذا، وبالتالي يبعُد أن تكون روايات هذا الكتاب من كتاب خُطَب أمير المؤمنين علیه السّلام لعبد العظيم.

النسبة بين هذا الكتاب ومنقولات الإربلي عن «معالم العترة»

كتاب كشف الغمّة من المؤلّفات الثمينة لعلي بن عيسى الإربلي (ت ۶۹۲ ه‍) من علماء الإمامية في القرن السابع، وفيه منقولات كثيرة من كتاب معالم العترة النبوية للجُنابذي۲. وإنّي وجدتُ شبهاً كبيراً بين أحاديث هذا الكتاب ومنقولات الإربلي عن معالم العترة في باب الإمام الجواد علیه السّلام منه، فرأيتُ أن أفرد باباً مستقلّاً لدراسة هذا الاشتراك لأهمّيته، كما

1.. إلّا الاستعمال المنقول عن الباقر علیه السّلام لكنه أيضاً في بداية القرن الثاني، إلّا أن يكون النقل بالمعنى و كان الاستعمال من قِبَل الرواة.

2.. ورد في نقل البحار عن كشف الغمّة أن هذه الروايات لمحمد بن طلحة، بحار الأنوار، ج‏۷۵، ص۷۸، لكنه سهو و ربما كان منشأه خلطاً بين كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي صاحب مطالب السؤول و الجنابذي. فإن الإربلي ينقل في كشف الغمّة عن ابن طلحة أيضاً.

  • نام منبع :
    أحاديثُ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ علیه السّلام برواية عبد العظيم الحسني رحمه الله
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1399
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 342
صفحه از 131
پرینت  ارسال به