في أعضائه ، وقوى النفس مجتمعة في جوهر ذاتها ، والبدن في الانحلال والاضمحلال أبداً، والنفس باقية ترسخ بقواها إمّا في السعادة والهدى ، وإمّا في الشقاوة والضلال ، والهوى إلى الوبال ، فكان للبدن عيناً يبصر به المحسوسات ، فللنفس عين يبصر به اليقنيّات وهي البصيرة الباطنيّة ، وكلّ إنسان في مبدء الأمر ذا بصيرة بالقوّة ، فإذا خرجت من القوّة إلى الفعل بتكرّر الإدراكات وفعل الحسنات تصير بصيرة بالفعل ، وإن لم يسلك هذا السبيل بل أعرض عن هذا الطريق صار بالفعل أعمى بعد ما كان بصيراً بالقوّة . وإليه الإشارة الإلهيّة بقوله : « وَ مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا » ۱ .
قال عليه السلام : وقال : « أمَّنْ » ۲ . [ ص۱۶ ح۱۲ ]
أقول : بعضهم على أنّه بتخفيف الميم ، وبعضهم بتشديدها . الأوّل بناء على دخول ألف الاستفهام على « من » الموصول ، والجواب محذوف تقديره : كمن ليس كذلك . والثاني بناء على أنّ أصله « أم من » فاُدغمت الميم بالميم ، فيكون حينئذٍ هي «أم» التي في قولك : « أزيدٌ أفضل أم عمرو ؟» .
وقول ۳ القانت : القيام بما يجب فيه من الطاعة . روي : «أفضل الصلوات طول القنوت» ۴ . وهو القيام فيها .
قال عليه السلام : « يَحْذَرُ الْأَخِرَةَ » . [ ص۱۶ ح۱۲ ]
أقول : إشارة إلى أنّ الإنسان عند المواظبة على الأعمال ينكشف له في أوّل الأمر مقام القهر المقتضي للخوف ، وهو قوله : « يَحْذَرُ الْأَخِرَةَ » ثمّ بعده مقام الرحمة الباعث للرجاء، وهو قوله : « وَ يَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ » ثمّ يحصل أنواع المكاشفات ، وهي المراد