الشَّكُورُ » ۱ و حكي عن إبليس أنّه قال : « وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـكِرِينَ » ۲ يعني المؤمنين بالحقيقة .
وأمّا قوله تعالى : « وَ قَلِيلٌ مَّا هُمْ » ۳ فإنّه لما قال بعد قوله : « إنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ » ۴ دلّ صريحاً على أنّ المؤمن العامل بمقتضى إيمانه القلبي لا لأجل شيء آخَرَ ليس في العالم إلاّ قليلاً ، وذلك لأنّه مرتبة عالية يصل الإنسان بها إلى مراتب الملائكة المقرّبين ، والفطرة البشريّة قاصرة عن بلوغها إلاّ بموهبة خاصّة من قِبَله تعالى لبعض الصفوة من عباده ؛ لأنّ الداعي إلى الدنيا كثيرة ، وهي : الحواسّ الظاهرة والباطنة ـ وهي عشرة ـ ، والشهوة والغضب ، والقوى الطبيعيّة السبعة ، والمجموع تسعة عشر ، وكلّها واقفة على باب جهنّم ، الطبيعة البدنيّة التي هي كأنّها شعلة من نار السعير ، وكلّها يدعو القلب إلى الدنيا واللذّات الحسّيّة .
وأمّا الداعي إلى الحقّ والدين ، فليس إلاّ العقل الخالص عن هذه الشوائب ، وليس ذلك إلاّ بتوفيقه تعالى ، ولأجل أنّ الحكمة المعبّر عنها بالإيمان أمر موهبيّ ، قال تعالى : « ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » ۵ . فقد بان أنّ أهل الخير والكمال في الدنيا قليل ، وأهل الشرّ والنقص كثير .
ثمّ اختلفوا في ذلك الرجل الذي كان من أهل فرعون ، فقيل : إنّه كان ابن عمّه جارياً مجرى وليّ العهد ومجرى صاحب الشركة .
وقيل : كان قبطيّاً من قوم فرعون ، وكان من أقاربه .
وقيل : كان من بني إسرائيل ۶ .