صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ » ۱ أي لا يعلمون عظمة اللّه وقدرته ، فخوفهم من الناس أعظم من خوفهم من اللّه ، فلا يخشون اللّه حقَّ خشيته ۲ و « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ » ۳ وغيرهم يخشى الناس بخشية اللّه أو أشدّ خشية .
ثمّ ذكر أنّهم لخوفهم معكم « لاَ يُقَـتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرِ » بسبب أنّ اللّه ألقى في قلوبهم ۴ الرعب منكم ، وتأييدُ اللّه ونصره معكم «بِأَسُهُمْ بَيْنَهُم» فيما بينهم ، أو بينهم وبين المؤمنين « شَدِيدُ » الأوّل أولى ؛ لعدم الإضمار ، ولدلالة قوله: « تَحْسَبُهُمْ » مجتمعين صورةً على الاُلفة والمحبّة لكن قلوبهم متفرّقة ، لأنّ كلامهم على مذهب آخر وبينهم عداوة شديدة لأغراضهم الدنيويّة، وفيه تشجيع للمؤمنين على قتالهم «ذَ لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ» ۵ حظوظَ أنفسهم وما فيه صلاح ما لهم في الدنيا ، فكيف صلاح ما لهم في الآخرة ؛ إذ ليسوا من أهل العقل وإلاّ يعلموا رشدهم وهداهم فآمنوا ، فإذ لم يؤمنوا باللّه ورسوله مع وضوح الأمر فهم السفهاء الحمقى ، فلا خوف منهم .
قال عليه السلام : وقال : « تنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب » . [ ص۱۵ ح۱۲ ]
أقول : صدر الآية « أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ » ۶ والهمزة للتحذير مع التفريع والتعجّب من حالهم .
قيل : نزلت في جماعة من الناس كانوا يأمرون الناس بطاعة اللّه وهم كانوا يتركونها ويقدّمون على المعاصي ۷ .