تعقلون » ۱ أي فليس معكم عاقل أو فيكم ذو عقل حتّى تعتبروا هذه الآية الظاهرة الجليّة .
قال عليه السلام : وقال : « إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ » ۲ . [ ص۱۴ ح۱۲ ]
أقول : أيضاً متعلّقة بقصّة لوط لمّا ذكر سبحانه « إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَـبِرِينَ » ۳ عقّب هذه البشارة بتنجيته وقومه ببشارة اُخرى هي إنزال الرجز على أعدائه.
واختلفوا في ذلك فقال بعضهم : حجارة ، وقيل : نار ، وقيل : خسف .
وعلى هذا لايكون عينه من السماء ، وإنّما يكون مبدؤه أو القضاء به من السماء بل أكثر هذه الاُمور ليست أعيانها نازلة من السماء ، بل حقائقها ومباديها الموجودة في عالم القضاء ثمّ السماء نزلت إلى الأرض في كلّ عالم بصورة تناسبه كما اُشير إليه آنفا ، وإنّ كلام الملائكة مع لوط عليه السلام على نمط كلامهم مع إبراهيم عليه السلام قدّموا البشارة له على الإنذار والتخويف لقومه حيث قالوا : « إِنَّا مُنَجُّوكَ » ۴ ثمّ قالوا : « إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ » ولم يعلّلوا النتيجة بشيء كما علّلوا الإنذار بقولهم : إنّهم « كَانُواْ يَفْسُقُونَ » ۵ ، فما قالوا : إنّا منجّوك لأجل نبيّ مثلاً ، ولعلّ النكتة في ذلك أنّ الرحمة بالذات لا تعليل لها بل ذاته تعالى هو مبدؤها والغضب عرضي إنّما ينشأ بسبب .
وقوله: « وَ لَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ ءَايَة بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ » ۶ أي تركنا من القرية ـ وفيها الماء الأسود ، وهي بين القدس والكرك ـ آيةً واضحة ليعتبرها أهل العقل دقيقةً قرآنيّةً ،