۰.وإنَّما يَختَلِفُ ويأتَلِفُ المتجزّئ فلا يقال : اللّه ُ مؤتَلِفٌ ، ولا اللّه ُ قليلٌ ولا كثيرٌ ، ولكنّه القديمُ في ذاته ؛ لأنّ ما سوى الواحدِ مُتجزِّئٌ، واللّه ُ واحدٌ لا مُتجَزِّئٌ ، ولا مُتَوَهَّمٌ بالقلّة والكثرة ، وكلّ مُتَجَزِّئٍ أو متوهّمٍ بالقلّة والكثرةِ فهو مخلوقٌ دالٌّ على خالقٍ له . فقولك : إنّ اللّه َ قديرٌ خَبَّرْتَ أنّه لا يُعجِزُه شيءٌ ، فنفيتَ بالكلمة العجزَ وجعلتَ العجزَ سواه ؛
(وإنّما يختلف ويأتلف المتجزّئ) أمّا الائتلاف فظاهر . وأمّا الاختلاف فلأنّ تكثّر الأفراد إنّما يكون للحقائق الكلّية المركّبة من الأجناس والفصول، أو المنحلّة أفرادها إلى المهيّة والتشخّص، أو لأنّه إنّما يكون في المادّيّات المركّبة أشخاصها من المادّة والصور، فلا يقال: ذات اللّه مؤتلف؛ لاستحالة تركّب الواجب من الأجزاء، ولا مختلف بكثرة الأفراد وقلّتها لتشخّصه سبحانه بذاته، ولكنّه سبحانه واجب الوجود ، القديم في ذاته بخلاف الأشياء، ولا تكثّر فيه بوجه من الوجوه؛ لأنّ ما سوى الواحد الحقيقي متجزّئ، وإنّما يصحّ التجزّي على ما سواه، وكذا التوهّم بالقلّة والكثرة (وكلّ متجزّئ أو متوهّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالّ على خالقه) وهو سبحانه واحد لا متجزّئ ولا متوهَّم بالقلّة والكثرة.
وتلخيصه: أنّ ذات اللّه ليس بمؤتلِف ولا مختلف؛ لأنّه واحد حقيقي، وكلّ ما يكون واحدا حقيقيا لا يكون مؤتلِفا ولا مختلفا.
أمّا أنّه واحد حقيقي فلقِدَمه ووجوب وجوده لذاته.
وأمّا أنّ الواحد لا يصحّ عليه الائتلاف والاختلاف؛ لأنّ كلّ متجزّئ أو متوهَّم بالقلّة والكثرة مخلوق، ولا شيء من المخلوق بواحد حقيقي؛ لمغايرة الوجود والمهيّة، فلا شيء من المتجزّئ بواحد، ولا شيء من الواحد بمتجزّئ.
وقوله: (فقولك: إنّ اللّه قدير) بيان لحال توصيفه بالصفات كالقدرة والعلم، وأنّ معانيَها مغايرة للذات لا بانضمام صفة، وأنّ أشكالها وألفاظها وصورها تفنى، وهو لا يزال قدير عالم.
والمراد إذا قلت قولَك: إنّ اللّه قدير (خبّرتَ) بهذا القول (أنّه لا يعجزه شيء)