443
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.مَلَكَ نِدٌّ ، ولم يَشْرَكْهُ في مُلكه أحدٌ ، الواحدُ الأحدُ الصمدُ ، المبيدُ للأبد ، والوارثُ للأمَدِ ، الذي لم يَزَلْ ولا يَزالُ وحدانيّا أزليّا قبلَ بدء الدُّهور ، وبعدَ صُروف الأُمور ، الّذي لا يَبيدُ ولا يَنْفَدُ ، بذلك أصِفُ ربّي ، فلا إلهَ إلاّ اللّه من عظيمٍ ما أعْظَمَه ، ومن جليلٍ ما أجَلَّه ، ومن عزيزٍ ما أعزَّه ، وتعالى عمّا يقولُ الظالمونَ عُلُوّا كبيرا».
وهذه الخطبةُ من مَشهورات خُطَبِه عليه السلام حتّى لقد ابْتَذَلَها العامّةُ ، وهي كافيةٌ لمن طلب علمَ التوحيدِ إذا تَدَبَّرَها وفَهِمَ ما فيها ، فلو اجتمع ألسِنَةُ الجنِّ والإنسِ ليس فيها لسانُ نبيٍّ

وقوله: (فليس له ممّا خلق ضدّ) كتلخيص المطلب ببرهانه وبيانه.
وقوله: (المُبيد ۱ الطرف المتقدّم فله نهايات وهو منقضٍ عندها، والمبدأ للممكنات واجب الوجود بذاته الذي يستحيل العدم والانقضاءُ فيه، فهو وارث كلّ منقض، فهو الوارث للأمد، وهو الذي لم يزل ولا يزال، وحدانيّا لا يصلح للانقسام ۲ في الدهر والزمان غير المتناهي، بل قبل وجود الدهر وبعد تغييرات الاُمور ومرّ الأزمان والدهور.

1. في حاشية «ت، م»: «المبيد» اسم فاعل من أَبادَ يبيدُ من باب الإفعال من بادَ، بمعنى ذهب وانقطع. والهمزة للإزالة، أي مزيل بطلانه وذهابه وانقطاعه بإعطاء وجوده وإبقائه فهو خالقه ومبقيه، ويمكن أن يحمل الإبادة على الإذهاب، أي المذهب لما لا ينتهي من الزمان أو الدهر، فإنّه في الذهاب دائما، وهو سبحانه مذهبه كما أنّه مجدّده (منه). وفي حاشية «خ»: الظاهر «المؤبّد» وإن كان رسم الخطّ لا يساعده (لراقمه خليل).للأبد) أي الخالق المعطي لوجوده. و«الأبد» ما لا منتهى له من الزمان أو الدهر. و«الأمد»: هو المنتهى، فبطل قول الدهري في أنّ المبدأ هو الدهر؛ لكونه في الطرف المتأخّر متجدّدا، والتجدّد مستلزم للحدوث، وكلُّ ما يحدث بتمامه أو ببعضه ممكن محتاج إلى موجد موجب، فله مبدأ، فكيف يكون مبدأً على الإطلاق ؟! وأمّا من في «ل»: «على».

2. في حاشية «ت»: وتفسير «وحدانيا» بهذا المعنى لأنّ قوله: «المبيد للأبد» ردّ على الدهري، والدهر والزمان ينقسمان. وقوله: «ولم يزل و لا يزال وحدانيا» مناسب لهذا المعنى في هذا المقام.والتجزّي، أزليّا لا بداية له بالدخول في «خ، ل، م»: «لا بالدخول».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
442

۰.ولا شُبهةٍ دَخَلَتْ عليه فيما لم يَخْلُقْ ، لكن قضاءٌ مبرمٌ ، وعلمٌ محكمٌ ، وأمرٌ مُتقَنٌ ، تَوَحَّدَ بالربوبيّة ، وخَصَّ نفسه بالوحدانيّة ، واستَخْلَصَ بالمجد والثناء ، وتَفَرَّدَ بالتوحيد والمجد والسناء ، وتَوَحَّدَ بالتحميد ، وتَمَجَّدَ بالتمجيد ، وعلا عن اتّخاذ الأبناء ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عن ملامسة النساء ، وعزّ وجلّ عن مجاوَرَةِ الشركاء ، فليس له فيما خَلَقَ ضِدٌّ ، ولا له فيما

الأزليّة والداعي، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، بل لم يخلق لعدم الداعي إلى خلقه وإيجاده، لكنّ الإيجاد باقتضاءٍ تامّ وقضاءٍ مبرم، وإحاطةٍ بالخير والأصلح، وعلم محكم، ونظامٍ كامل، وأمرٍ متقن، توحّد بالربوبيّة لا يشاركه فيها غيرُه، وخصّ نفسه بالوحدانيّة اللازمة لوجوبه الذاتي، فلا يكون إلاّ ربّا غيرَ مربوب؛ لاستغنائه عن الغير مطلقا وعدم احتياجه إلى ذاتي أو خارج. واستخلص بالمجد والثناء، واستخصّ بهما .
فكلّ كرم وعلوّ وشرف وكلّ وصف بالكمال وبالجميل له سبحانه بالحقيقة، ومرجعه إليه؛ فإنَّ كلّ شرف وعلوّ وكرم ، وكلَّ كمال وحُسن ظهر في أيّ مَظهر كان ، منبعث من ذلك المبدأ، متجلٍّ في المظاهر.
وقوله: (وتفرَّد بالتوحيد والمجد والسناء، وتوحّد بالتحميد، وتمجّد بالتمجيد) كالمفسّر لسابقه. والتوحيد والتحميد والتمجيد محتمل لما منه ۱ سواه إليه، ومخلوقيّته وتذلّله لديه، فلا يتصوّر في غيره إلاّ المخلوقيّة والعبوديّة له، فما يقوله الظالمون كالنصارى من الاُبوّة والبنوّة والتثليث والمشاركة إنّما نشأ من الضلال والطغيان وعبادة الهوى واتّباع الشيطان.

1. في «خ، ل»: «فيه».لذاته، ولما من غيره له، ولما يعمّهما. (وعلا عن اتّخاذ الأبناء) لأحديّته وصمديّته اللازمتين لوجوب وجوده بذاته. (وتطهّر عن ملامسة النساء) لتعاليه عن الاتّصاف بالصفات الملازمة للإمكان بل للتحيّز والتكثّر . (وعزّ وجلّ عن مجاورة الشركاء) لاستناد كلّ من في «ل»: «كلّ شيء».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6330
صفحه از 672
پرینت  ارسال به