۰.مَلَكَ نِدٌّ ، ولم يَشْرَكْهُ في مُلكه أحدٌ ، الواحدُ الأحدُ الصمدُ ، المبيدُ للأبد ، والوارثُ للأمَدِ ، الذي لم يَزَلْ ولا يَزالُ وحدانيّا أزليّا قبلَ بدء الدُّهور ، وبعدَ صُروف الأُمور ، الّذي لا يَبيدُ ولا يَنْفَدُ ، بذلك أصِفُ ربّي ، فلا إلهَ إلاّ اللّه من عظيمٍ ما أعْظَمَه ، ومن جليلٍ ما أجَلَّه ، ومن عزيزٍ ما أعزَّه ، وتعالى عمّا يقولُ الظالمونَ عُلُوّا كبيرا».
وهذه الخطبةُ من مَشهورات خُطَبِه عليه السلام حتّى لقد ابْتَذَلَها العامّةُ ، وهي كافيةٌ لمن طلب علمَ التوحيدِ إذا تَدَبَّرَها وفَهِمَ ما فيها ، فلو اجتمع ألسِنَةُ الجنِّ والإنسِ ليس فيها لسانُ نبيٍّ
وقوله: (فليس له ممّا خلق ضدّ) كتلخيص المطلب ببرهانه وبيانه.
وقوله: (المُبيد ۱ الطرف المتقدّم فله نهايات وهو منقضٍ عندها، والمبدأ للممكنات واجب الوجود بذاته الذي يستحيل العدم والانقضاءُ فيه، فهو وارث كلّ منقض، فهو الوارث للأمد، وهو الذي لم يزل ولا يزال، وحدانيّا لا يصلح للانقسام ۲ في الدهر والزمان غير المتناهي، بل قبل وجود الدهر وبعد تغييرات الاُمور ومرّ الأزمان والدهور.
1. في حاشية «ت، م»: «المبيد» اسم فاعل من أَبادَ يبيدُ من باب الإفعال من بادَ، بمعنى ذهب وانقطع. والهمزة للإزالة، أي مزيل بطلانه وذهابه وانقطاعه بإعطاء وجوده وإبقائه فهو خالقه ومبقيه، ويمكن أن يحمل الإبادة على الإذهاب، أي المذهب لما لا ينتهي من الزمان أو الدهر، فإنّه في الذهاب دائما، وهو سبحانه مذهبه كما أنّه مجدّده (منه). وفي حاشية «خ»: الظاهر «المؤبّد» وإن كان رسم الخطّ لا يساعده (لراقمه خليل).للأبد) أي الخالق المعطي لوجوده. و«الأبد» ما لا منتهى له من الزمان أو الدهر. و«الأمد»: هو المنتهى، فبطل قول الدهري في أنّ المبدأ هو الدهر؛ لكونه في الطرف المتأخّر متجدّدا، والتجدّد مستلزم للحدوث، وكلُّ ما يحدث بتمامه أو ببعضه ممكن محتاج إلى موجد موجب، فله مبدأ، فكيف يكون مبدأً على الإطلاق ؟! وأمّا من في «ل»: «على».
2. في حاشية «ت»: وتفسير «وحدانيا» بهذا المعنى لأنّ قوله: «المبيد للأبد» ردّ على الدهري، والدهر والزمان ينقسمان. وقوله: «ولم يزل و لا يزال وحدانيا» مناسب لهذا المعنى في هذا المقام.والتجزّي، أزليّا لا بداية له بالدخول في «خ، ل، م»: «لا بالدخول».