393
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وإنَّما يَختَلِفُ ويأتَلِفُ المتجزّئ فلا يقال : اللّه ُ مؤتَلِفٌ ، ولا اللّه ُ قليلٌ ولا كثيرٌ ، ولكنّه القديمُ في ذاته ؛ لأنّ ما سوى الواحدِ مُتجزِّئٌ، واللّه ُ واحدٌ لا مُتجَزِّئٌ ، ولا مُتَوَهَّمٌ بالقلّة والكثرة ، وكلّ مُتَجَزِّئٍ أو متوهّمٍ بالقلّة والكثرةِ فهو مخلوقٌ دالٌّ على خالقٍ له . فقولك : إنّ اللّه َ قديرٌ خَبَّرْتَ أنّه لا يُعجِزُه شيءٌ ، فنفيتَ بالكلمة العجزَ وجعلتَ العجزَ سواه ؛

(وإنّما يختلف ويأتلف المتجزّئ) أمّا الائتلاف فظاهر . وأمّا الاختلاف فلأنّ تكثّر الأفراد إنّما يكون للحقائق الكلّية المركّبة من الأجناس والفصول، أو المنحلّة أفرادها إلى المهيّة والتشخّص، أو لأنّه إنّما يكون في المادّيّات المركّبة أشخاصها من المادّة والصور، فلا يقال: ذات اللّه مؤتلف؛ لاستحالة تركّب الواجب من الأجزاء، ولا مختلف بكثرة الأفراد وقلّتها لتشخّصه سبحانه بذاته، ولكنّه سبحانه واجب الوجود ، القديم في ذاته بخلاف الأشياء، ولا تكثّر فيه بوجه من الوجوه؛ لأنّ ما سوى الواحد الحقيقي متجزّئ، وإنّما يصحّ التجزّي على ما سواه، وكذا التوهّم بالقلّة والكثرة (وكلّ متجزّئ أو متوهّم بالقلّة والكثرة فهو مخلوق دالّ على خالقه) وهو سبحانه واحد لا متجزّئ ولا متوهَّم بالقلّة والكثرة.
وتلخيصه: أنّ ذات اللّه ليس بمؤتلِف ولا مختلف؛ لأنّه واحد حقيقي، وكلّ ما يكون واحدا حقيقيا لا يكون مؤتلِفا ولا مختلفا.
أمّا أنّه واحد حقيقي فلقِدَمه ووجوب وجوده لذاته.
وأمّا أنّ الواحد لا يصحّ عليه الائتلاف والاختلاف؛ لأنّ كلّ متجزّئ أو متوهَّم بالقلّة والكثرة مخلوق، ولا شيء من المخلوق بواحد حقيقي؛ لمغايرة الوجود والمهيّة، فلا شيء من المتجزّئ بواحد، ولا شيء من الواحد بمتجزّئ.
وقوله: (فقولك: إنّ اللّه قدير) بيان لحال توصيفه بالصفات كالقدرة والعلم، وأنّ معانيَها مغايرة للذات لا بانضمام صفة، وأنّ أشكالها وألفاظها وصورها تفنى، وهو لا يزال قدير عالم.
والمراد إذا قلت قولَك: إنّ اللّه قدير (خبّرتَ) بهذا القول (أنّه لا يعجزه شيء)


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
392

۰.وهي ذِكْرُهُ وكانَ اللّه ُ ولا ذِكْرَ ، والمذكورُ بالذكر هو اللّه ُ القديمُ الذي لم يَزَلْ . والأسماءُ والصفاتُ مخلوقاتٌ، والمعاني والمعنيُّبها هو اللّه الذي لايَليقُ به الاختلافُ ولا الائتلافُ،

تابعيّتها للذات الأحديّة، وكذا مسبوقيّتها بالذات، فليست كالاُمور العينيّة التي مقتضى تأخّرها وانفصال وجودها عن الوجود الأزلي مسبوقيَّتُها بالعدم، كما سبقت إليها إشارةٌ مّا، وسنزيد لك إيضاحا لما لوَّحنا إليه هاهنا في مقام يناسبه إن شاء اللّه .
وأشار إلى حكمة خلق الأسماء والصفات المذكورة في الكتاب بأنّها (وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ويعبدونه) تنبيها على أنّها مغايرة للأسماء التي هي الأركان ؛ فإنّها ليست بالألفاظ والحروف وهي بها (وهي) أي هذه المذكورات في الكتاب (ذكره ، وكان اللّه ولا ذكر) لأنّ الذكر موجود عيني مسبوق بالعدم ، أو تابع لموجود عيني كذلك ، فالذكر محدَث (والمذكور بالذكر هو اللّه القديم الذي لم يزل) .
قوله : (والأسماء والصفات مخلوقات) .
المراد بالأسماء والصفات الألفاظ والحروف الدالّة على ما وضعت له .
وقوله: (والمعاني) عطف على «الأسماء» أي والمعاني ـ وهي حقائق مفهومات الصفات ـ مخلوقةٌ .
أو المراد بالأسماء الألفاظ ، وبالصفات ما وُضع ألفاظها له . وقوله: «مخلوقات والمعاني» خبر لقوله «الأسماء والصفات» أي الأسماء مخلوقات والصفات هي المعاني .
وقوله: (والمعنيّ بها هو اللّه ) أي المقصود بها ، المذكور بالذكر ، ومصداق تلك المعاني ، المطلوب بها هو ذات اللّه (الذي لا يليق به الاختلاف) الذي يكون بين الألفاظ ويكون بين المعاني (ولا الائتلاف) الذي يكون بينها . ولعلّ «الاختلاف» إشارة إلى كثرة الأفراد و «الائتلاف» إلى كثرة الأجزاء .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6329
صفحه از 672
پرینت  ارسال به