بأن يطلب الخيرَة من اللّه فيما يأتي ويذر . قوله : «لا خير في علم لا ينفع» قول حقّ ، لأنّه إذا لم ينفع كان عبثا . «ولا ينتفع بعلم لا يحقُّ تعلمه» أي لا يجب ولا يندب إليه ؛ وذلك لأنّ النفع إنما هو نفع الآخرة ، فما لم يكن من العلوم مرغباً فيه إمّا بإيجاب أو ندب فلا انتفاع به في الآخرة ، وذلك كعلم الهندسة والأرثماطيقيّ ونحوهما .
الأصْلُ:
۰.أَيْ بُنَيَّ ، إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُنِي قَدْ بَلَغْتُ سِنّاً ، وَرَأَيْتُنِي أَزْدَادُ وَهْناً ، بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِي إِلَيْكَ ، وَأَوْرَدْتُ خِصَالاً مِنْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْجَلَ بِي أَجَلِي دُونَ أَنْ أُفْضِيَ إِلَيْكَ بِمَا فِي نَفْسِي ، أَوْ أَنْ أُنْقَصَ فِي رَأيِي كَمَا نُقِصْتُ فِي جِسْمِي ، أَوْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَاتِ الْهَوَى وَفِتَنِ الدُّنْيَا ، فَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ .
وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْض الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيءٍ قَبِلَتْهُ ؛ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُو قَلْبُكَ ، وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأيِكَ مِنَ الْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ ، فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَؤونَةَ الطَّلَبِ ، وَعُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ التَّجْرِبَةِ ، فَأَتَاكَ مِنْ ذلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأتِيهِ ، وَاسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ .
الشّرْحُ:
هذه الوصيّة كتبها عليه السلام للحسن بعد أن تجاوز الستين ، وروي أنه ذُكر عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمما بين الستّين والسبعين ، فقال : «معترك المنايا» .
قوله عليه السلام «أو أن أُنقص في رأيي» ، هذا يدلّ على بطلان قول من قال : إنّه لا يجوز أن ينقص في رأيه ، وأن الإمام معصوم عن أمثال ذلك ۱ .