منها أن يرغب إلى اللّه في توفيقه وتسديده .
ومنها أن يطلب المطلوب النظري بتفهّم وتعلم ؛ لا بجدال ومغالبة وهِراء ومخاصمة .
ومنها اطّراح العصبية لمذهب بعينه ، والتورّط في الشبهات التي يحاول بها نصرة ذلك المذهب .
ومنها ترك الإلْف والعادة ، ونصرة أمر يطلب به الرياسة ؛ وهو المعنيّ بالشوائب التي تولج في الضلال .
ومنها أنْ يكون صافي القلب ، مجتمعَ الفكر ، غير مشغول السرّ بأمرٍ من جوع أو شِبع أو شبَق أو غضب ؛ ولايكون ذا هموم كثيرة ، وأفكار موزّعة مقسّمة ؛ بل يكون فكره وهمّه همّاً واحدا .
قال : فإذا اجتمع لك كلّ ذلك فانظر ، وإن لم يجتمع لك ذلك ونظرت كنت كالنّاقة العشواء الخابطة لا تهتدي ، وكمن يتورّط في الظلماء لا يعلم أين يضع قدمه ! وليس طالب الدين مَنْ كان خابطاً أو خالطاً ، والإمساك عن ذلك أمثل وأفضل .
الأصْلُ:
۰.فَتَفَهَّمْ يَا بُنْيَّ وَصِيَّتِي ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكَ الْمَوْتِ هُوَ مَالِكُ الْحَيَاةِ ، وَأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ الْمُمِيتُ ، وَأَنَّ الْمُفْنِيَ هُوَ الْمُعِيدُ ، وَأَنَّ الْمُبتَلي هُوَ الْمُعَافِي ، وَأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لِتَسْتَقِرَّ إِلاَّ عَلَى مَا جَعَلَهَا اللّهُ عَلَيْهِ مِنْ النَّعْمَاءِ ، وَالاْءِبْتِلاَءِ ، وَالْجَزَاءِ فِي الْمَعَادِ ، أَوْ مَا شَاءَ مِمَّا لاَ تعْلَمُ ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ فَاحْمِلْهُ عَلَى جَهَالَتِكَ به ، فَإِنَّكَ أَوَّلُ مَا خُلِقْتَ بِهِ جَاهِلاً ثُمَّ عُلِّمْتَ ، وَمَا أَكْثَرَ مَا تَجْهَلُ مِنَ الْأَمْرِ ، وَيَتَحَيَّرُ فِيهِ رَأْيُكَ ، وَيَضِلُّ فِيهِ بَصَرُكَ ، ثُمَّ تُبْصِرُهُ بَعْدَ ذلِكَ!
الشّرْحُ:
قوله : «أو ما شاء ممّا لا تعلم» يجوز أن يريد عليه السلام أن اللّه تعالى قد يجازي المذنب في الدّنيا بنوع من العقوبة ، كالأسقام والفقر وغيرهما ، والعقاب وإن كان على وجه الاستحقاق والإهانة فيجوز لمستحقه وهو الباري أن يقتصر منه على الإيلام فقط ، لأنّ الجميع حقّه ، فله