رابعا : المبحث العقائدي والكلامي
۱ . يوجب الشريف المرتضى قدس سره نقد الحديث ويعرضه على العقول، فإذا سلم عليها جاز أن يكون حقّا والمخبر به صادقا، وليس كلّ خبر جاز أن يكون حقّا وكان واردا من طريق الآحاد ، ويقطع على أنّ المخبر به صادقا.
۲ . ويقسم طريقة العمل في الأخبار العقائدية إلى أنّ ما ظاهره من الأخبار مخالف للحقّ ومجانب للصحيح على ضربين :
أ ـ فضرب يمكن فيه تأويل له مخرج قريب لما يخرج إلى شديد التعسف وبعيد التكلّف ، فيجوز في هذا الضرب أن يكون صادقا .
ب ـ وأمّا ما لا مخرج له ولا تأويل إلاّ بتعسف وتكلّف يخرجان عن حدّ الفصاحة، بل عن حدّ السداد فإنّا نقطع على كونه كذبا ، لا سيّما إذا كان عن نبي أو إمام مقطوع فيهما على غاية السداد والحكمة والبعد عن الألغاز والتعمية.
۳ . يصرّح الشريف المرتضى قدس سره على أنّ اُصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه ، فإنّها تتضمّن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية من ورائه، وأنّ جميع ما أسهب المتكلّمون من بعد في تصنيفه وجمعه ، إنّما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الاُصول.
۴ . في تأويل ظواهر بعض الأخبار الاعتقادية ، يصرح بأنّ التأويل والتفسير
يتطرّق إلى الأخبار ولا يتطرّق إلى إجماع وغيره ، وعلى هذا الأساس يبني أن ما كان له ظاهر ينافي المعلوم المقطوع به تأوّل ظاهره على ما يطابق الحقّ ، ويوافقه إن كان ذلك سهلاً وإلاّ فالواجب طرحه وإبطاله.
۵ . الأدلّة القاطعة إذا دلّت على أمر وجب إثباته والقطع عليه، وألاّ يرجع عنه بخبر محتمل، ولا بقول معترض للتأويل، وتحمل الأخبار الواردة بخلاف ذلك على ما يوافق تلك الأدلّة ويطابقه، وإن رجع بذلك عن ظواهرها، وبصحّة هذه الطريقة يرجع عن ظواهر آيات القرآن الّتي تتضمّن إجبارا أو تشبيها.
۶ . إنّ الدلالة العقلية دلّت على أنّ الأنبياء عليهم السلام لا يجوز عليهم الكفر والشرك والمعاصي غير المحتملة ولا يصحّ دخول المجاز فيها، لأنّه لو كان يصحّ فيه الاحتمال وضرب المجاز ، فلابدَّ من بناء المحتمل على ما لا يحتمل، فلو لم نعلم تأويل هذه الآية على سبيل التفصيل لكنّا نعلم في الجملة أنّ تأويلها مطابق لدلالة العقل؛ وذلك لأنّ الأخبار يجب أن تبنى على أدلّة العقول، ولا تقبل في خلاف ما تقضيه أدلّة العقول، فما ورد بخلاف ذلك من الأخبار لا يلتفت إليه ويقطع على كذبه إن كان لا يحتمل تأويلاً صحيحا لائقا بأدلّة العقل، فإن احتمل تأويلاً يطابقها تأوّل، ووافق بينه وبينها.
۷ . لا يمكن الاعتماد على كلّ آراء أهل التفسير؛ لأنّ بعضه لا يقبله العقل وإن وردت به رواية .
۸ . إنّ بعض العلل المستقذرة لايجوز شيء منها على الأنبياء عليهم السلام ، وإن وردت به رواية .
۹ . من الأدلّة على صحّة الخبر هو ما كان موردا لقبول الاُمة له، وأنّ عدم اختلاف الاُمة في تأويله وتفسيره هو أحد الأدلّة على صحّته، فتسالم الجميع على خبر هو نوع توثيق له.
هذا آخر ما أردنا إيراده، والحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.