۳ / ۳
مَعنى تَقديرِ الأَفعالِ
۲۲۵. الإمام الرضا عليه السلام - في حديث محض الاسلام - : إِنَّ اللَّهَ تَبارَكَ وتَعالى لا يُكَلِّفُ نَفساً إلّا وُسعَها۱ ، وَإنَّ أفعالَ العِباد ِمَخلوقَةٌ للَّهِ تَعالى خَلقَ تَقديرٍ لا خَلقَ تَكوينٍ ، وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ۲ ، ولا نَقولُ بِالجَبرِ وَالتَّفويضِ ، ولا يَأخُذُ اللّهُ البَريءَ بِالسَّقيمِ ، ولا يُعذِّبُ اللَّهُ تَعالى الأطفالَ بِذنوبِ الآباءِ ؛ «وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى»۳ ، «وَ أَن لَّيْسَ لِلاْءِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى»۴ ، وللَّهِِ أن يَعفُوَ ويَتَفَضَّلَ ، ولا يَجورُ ولا يَظلِمُ ؛ لِأنَّهُ تَعالى مُنَزَّهٌ عَن ذلِكَ .۵
۲۲۶. عيون أخبار الرضا عليه السلام عن بريد بن عمير بن معاوية الشامي : قالَ [الرِّضا عليه السلام ] : ما مِن فِعلٍ يَفعَلُهُ العِبادُ مِن خَيرٍ أو شَرٍّ إلّا وللَّهِِ فيهِ قَضاءٌ .
قُلتُ : ما مَعنى هذا القَضاءِ؟ قالَ : الحُكمُ عَلَيهِم بِما يَستَحِقّونَهُ عَلى أفعالِهِم مِنَ الثَّوابِ والعِقابِ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ .۶
۲۲۷. الإمام الرضا عن آبائه عن الإمام زين العابدين عليهم السلام : دَخَلَ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ : أخبِرني عَن خُروجِنا إلى أهلِ الشّامِ أبِقَضاءٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى وقَدَرِهِ؟
فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أجَل يا شَيخُ ، فَواللَّهِ ما عَلَوتُم تَلعَةً ولا هَبَطتُم بَطنَ وادٍ إلّا بِقَضاءٍ مِنَ اللَّهِ وقَدَرِهِ .
فَقالَ الشَّيخُ : عِندَ اللَّهِ أحتَسِبُ عَنائي يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عليه السلام : مَهلاً يا شَيخُ! لَعَلَّكَ تَظُنُّ قَضاءً حَتماً وقَدَراً لازِماً! لَو كانَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوابُ والعِقابُ والأمرُ والنَّهيُ والزَّجرُ ، واُسقِطَ مَعنَى الوَعدِ وَالوَعيدِ ، ولَم تَكُن عَلى المُسيءِ لائِمَةٌ ولا لِمُحسِنٍ مَحمَدَةٌ ، ولَكانَ المُحسِنُ أولى باللّائمَةِ مِنَ المُذنِبِ ، والمُذنِبُ أولى بِالإِحسانِ مِنَ المُحسِنِ! تِلكَ مَقالَةُ عَبَدَةِ الأوثانِ وخُصَماءِ الرَّحمنِ وقَدَريَّةِ هذِهِ الاُمَّةِ ومَجوسِها .
يا شَيخُ ، إنَّ اللّهَ تَعالى كَلَّفَ تَخييراً ، ونَهى تَحذيراً ، وأعطى عَلَى القَليلِ كَثيراً ، ولَم يُعصَ مَغلوباً ، ولَم يُطَع مُكرِهاً ، ولَم يَخلُقِ السَّماواتِ والأرضَ وما بَينَهُما باطِلاً ، ذلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَروا ، فَوَيلٌ لِلَّذينَ كَفَروا مِنَ النّارِ .۷
قالَ : فَنَهَضَ الشَّيخُ وهُوَ يَقولُ :
أنتَ الإمام الَّذي نَرجو بِطاعَتِهِيَومَ النَّجاةِ مِنَ الرَّحمنِ غُفرانا
أوضَحتَ مِن دينِنا ما كانَ مُلتَبِساًجَزاكَ رَبُّكَ عَنّا فيهِ إحسانا
فَلَيسَ مَعذِرَةٌ في فِعلِ فاحِشَةٍقَد كُنتُ راكِبَها فِسقاً وعِصيانا
لا لا ولا قائِلاً ناهيهِ أوقَعَهُفيها عَبَدتُ إذاً يا قَومِ شَيطانا
ولا أحَبَّ ولا شاءَ الفُسوقَ ولاقَتلَ الوَليِّ لَهُ ظُلماً وعُدوانا
أنّى يُحِبُّ وقَد صَحَّت عَزيمَتُهُذُو العَرشِ أعلَنَ ذاكَ اللَّهُ إعلانا
۸
1.إشارة إلى الآية ۲۸۶ من سورة البقرة .
2.إشارة إلى الآية ۶۲ من سورة الزمر .
3.فاطر : ۱۸ .
4.النجم : ۳۹ .
5.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۲ ص ۱۲۵ ح ۱ عن الفضل بن شاذان ، تحف العقول : ص ۴۲۱ ، بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۳۵۲ ح ۱ .
6.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۱۲۴ ح ۱۷ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۳۹۸ ح ۳۰۴ ، روضة الواعظين : ص ۴۷ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۲ ح ۱۸ .
7.إشارة إلى الآية ۲۷ من سورة ص .
8.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج۱ ص ۱۳۹ ح۳۸ ، التوحيد : ص ۳۸۰ ح ۲۸ كلاهما عن عليّ بن جعفر الكوفي عن الإمام الهادي عن آبائه عليهم السلام ، كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۶۳ و ۳۶۴ عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام نحوه ، كشف الغمّة : ج ۳ ص ۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۳ ح ۱۹ وراجع الكافي : ج ۱ ص ۱۵۵ ح ۱ وتحف العقول : ص ۴۶۸ والفصول المختارة : ص ۷۰ .