ج - وَلايَةُ أهلِ البَيتِ عليهم السلام
۸۷. الإمام الرضا عليه السلام : مَن سَرَّهُ أن يَنظُرَ إلَى اللَّهِ بِغَيرِ حِجابٍ ويَنظُرَ اللَّهُ إلَيهِ بِغَيرِ حِجابٍ ، فَليَتَوَلَّ آلَ مُحَمَّدٍ ، وَليَتَبَرَّأ مِن عَدُوِّهِم ، وَليَأتَمَّ بِإِمامِ المُؤمِنينَ مِنهُم ؛ فَإِنَّهُ إذا كانَ يَومُ القيامَةِ نَظَرَ اللَّهُ إلَيهِ بِغَيرِ حِجابٍ ، ونَظَرَ إلَى اللَّهِ بِغَيرِ حِجابٍ .۱
۲ / ۴
تَوحيدُ اللَّهِ
ألف - مَعنَى التَّوحيدِ
۸۸. الإمام الرضا عليه السلام : إِنَّ اللَّهَ المُبدِئُ الواحِدُ ، الكائِنُ الأَوَّلُ ، لَم يَزَل واحِداً لا شَيءَ مَعَهُ ؛ فَرداً لا ثانيَ مَعَهُ .۲
۸۹. الكافي عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام ، قال : سَمِعتُهُ يَقولُ : وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، السَّميعُ البَصيرُ ، الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، لَم يَلِد ولَم يولَد ، ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أحَدٌ . لَو كانَ كَما يَقولُ المُشَبِّهَةُ لَم يُعرَفِ الخالِقُ مِنَ المَخلوقِ ، ولا المُنشِئُ مِنَ المُنشَإِ ، لكِنَّهُ المُنشِئُ ، فَرَّقَ بَينَ مَن جَسَّمَهُ وصَوَّرَهُ وأنشَأَهُ ، إذ كانَ لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، ولا يُشبِهُ هُوَ شَيئاً .
قُلتُ : أجَل جَعَلَني اللَّهُ فِداكَ ، لكِنَّكَ قُلتَ : الأحدُ الصمد ، وقلت : لا يُشبِهُهُ شَيءٌ ، وَاللَّهُ واحدٌ وَالإِنسانُ واحِدٌ ؛ ألَيسَ قَد تَشابَهَتِ الوَحدانيةُ؟!
قالَ : يا فَتحُ ، أحَلتَ ثَبَّتَكَ اللَّهُ! إنَّما التَّشبيهُ فِي المَعاني ، فَأَمّا فِي الأَسماءِ فَهِيَ واحِدَةٌ وهيَ دالَّةٌ عَلَى المُسَمّى ، وذلِكَ أنَّ الإِنسانَ وإن قيلَ «واحِدٌ» فَإِنَّهُ يُخبَرُ أنَّهُ جُثَّةٌ واحِدَةٌ ولَيسَ بِاثنَينِ ، وَالإِنسانُ نَفسُهُ لَيسَ بِواحِدٍ ؛ لِأَنَّ أعضاءَهُ مُختَلِفَةٌ ، وألوانَهُ مُختَلِفَةٌ ، ومَن ألوانُهُ مُختَلِفَةٌ غَيرُ واحِدٍ ، وهُوَ أجزاءٌ مُجَزَّأةٌ لَيسَت بِسَواءٍ ؛ دَمُهُ غَيرُ لَحمِهِ ، ولَحمُهُ غَيرُ دَمِهِ ، وعَصَبُهُ غَيرُ عُروقِهِ ، وشَعرُهُ غَيرُ بَشَرِهِ ، وسَوادُهُ غَيرُ بَياضِهِ ، وكَذلِكَ سائِرُ جَميعِ الخَلقِ . فالإِنسانُ واحِدٌ فِي الاِسمِ لا۳واحِدٌ فِي المَعنى ، واللّهُ جَلَّ جَلالُهُ هُوَ واحِدٌ لا واحِدَ غَيرُهُ ، لا اختِلافَ فيهِ ولا تَفاوُتَ ولا زيادَةَ ولا نُقصانَ ، فَأَمّا الإِنسانُ : المَخلوقُ المَصنوعُ المُؤَلَّفُ مِن أجزاءٍ مُختَلِفَةٍ وَجَواهِرَ شَتّى ؛ غَيرَ أنَّهُ بِالاِجتِماعِ شَيءٌ واحِدٌ .
قُلتُ : جُعِلتُ فِداكَ ، فَرَّجتَ عَنّي فَرَّجَ اللّهُ عَنكَ! فَقَولَكَ : «اللَّطيفُ الخَبيرُ» فَسِّرهُ لي كَما فَسَّرتَ «الواحِدَ» فَإِنّي أعلَمُ أنَّ لُطفَهُ عَلى خِلاَفِ لُطفِ خَلقِهِ ، لِلفَصلِ ، غَيرَ أنّي أُحِبُّ أن تَشرَحَ ذلِكَ لي .
فَقالَ : يا فَتحُ إِنَّما قُلنا : «اللَّطيفُ» لِلخَلقِ اللَّطيفِ ، ولِعِلمِهِ بِالشَّيءِ اللَّطيفِ ، أوَلا تَرى - وَفَّقَكَ اللّهُ وثَبَّتَكَ - إِلى أثَرِ صُنعِهِ فِي النَّباتِ اللَّطيفِ وغَيرِ اللَّطيفِ ، ومِنَ الخَلقِ اللَّطيفِ ، ومِنَ الحَيَوانِ الصِّغارِ ، ومِنَ البَعوضِ وَالجِرجِسِ وما هُوَ أصغَرُ مِنها ما لا يَكادُ تَستَبينُهُ العُيونُ ، بَل لا يَكادُ يُستَبانُ - لِصِغَرِهِ - الذَّكَرُ مِنَ الأُنثي ، وَالحَدَثُ المَولودُ مِنَ القَديمِ؟! فَلَمّا رَأينا صِغَرَ ذلِكَ في لُطفِهِ ، وَاهتِداءَهُ لِلسِّفادِ ، وَالهَرَبَ مِنَ المَوتِ ، وَالجَمعَ لِما يُصلِحُهُ ، وما في لُجَجِ البِحارِ ، وما في لِحاءِ الأَشجارِ وَالمَفاوزِ وَالقِفارِ ، وإِفهامَ بَعضِها عَن بعضٍ مَنطِقَها ، وما يَفهَمُ بِهِ أولادُها عَنها ، ونَقلَها الغِذاءَ إِلَيها ، ثُمَّ تَأليفَ ألوانِها ؛ حُمرَةٍ مَعَ صُفرَةٍ ، وبَياضٍ مَعَ حُمرَةٍ ، وأنَّهُ ما لا تَكادُ عُيونُنا تَستَبينُهُ لِدَمامَةِ خَلقِها ، لا تَراهُ عُيونُنا ولا تَلمِسُهُ أيدينا ، عَلِمنا أنَّ خالِقَ هذا الخَلقِ لَطيفٌ لَطُفَ بِخَلقِ ما سَمَّيناهُ ، بِلا عِلاجٍ ولا أداةٍ ولا آلَةٍ ، وَأنَّ كُلَّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، واللَّهُ - الخالِقُ اللَّطيفُ الجَليلُ - خَلَقَ وَصَنَعَ لاَ مِن شَيءٍ .۴
1.المحاسن : ج ۱ ص ۱۳۳ ح ۱۶۵ عن بكر بن صالح ، بحار الأنوار : ج ۲۷ ص ۹۰ ح ۴۲ .
2.التوحيد : ص ۴۳۵ ح ۱ ، عن الحسن بن محمّد النوفلي ، بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۳۱۳ ح ۱ .
3.فِي المصدر : «ولا» بدل «لا» ، والتصويب من بحار الأنوار والمصادر الاُخرى .
4.الكافي : ج ۱ ص ۱۱۸ ح ۱ ، التوحيد : ص ۱۸۵ ح ۱ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۱۲۷ ح ۲۳ وفيهما «منشئ الأشياء ومجسّم الأجسام ومصوّر الصور ، لو كان كما يقولون» بدل «لَو كانَ كَما يَقولُ المُشَبِّهَةُ» ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۱۷۳ ح ۲ .