207
مختصر تفسير القمّي

قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته الزهراء: «واللَّه لقد عهد إلىَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله غير مرّة ولا ثنتين ۱ ولا ثلاث ولا أربع، فقال: «يا علي! إنّك ستقاتل بعدي الناكثين والمارقين والقاسطين»، فقاتلتهم، ولا يسعني إلّا قتالهم؛ لأنّهم كفروا بما جاء به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، أفاُضيّع ما أمرني به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وأكفر ۲ بعد إسلامي؟.
وعن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «سأل رجل أبي عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: بعث اللَّه محمّداً بخمسة أسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع الحرب أوزارها، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم، فيومئذ «لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْراً» ۳، وسيف منها ملفوف، وسيف منها مغمود، سلّه إلى غيرنا وحكمه إلينا.
فأمّا السيوف الثلاثة الشاهرة: فسيفٌ على مشركي العرب، قال اللَّه تعالى: «اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا» ۴، يعني: آمنوا «فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ» ۵، فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام، وأموالهم وذراريهم سبي على ما سبى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، فإنّه سبى وعفا وقبل الفداء صلى اللَّه عليه وآله.
والسيف الثاني: على أهل الذمّة، قال اللَّه جلّ ثناؤه: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» ۶نزلت في أهل الذمّة فنسخها قوله: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَيُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَيُحَرِّمُونَ مَاحَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى‏ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ» ۷، فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلّا الجزية أو القتل وما لهم وذراريهم سبي؛ فإذا قبلوا الجزية حرم علينا سبيهم وأموالهم وحلّت مناكحتهم، ولا يقبل منها إلّا الجزية أو القتل.
والسيف الثالث: على مشركي العجم، يعني: الترك والديلم والخزر، قال اللَّه جلّ

1.في «ط»: «اثنتين».

2.في «ص» و «ط»: «أو أكفر».

3.الأنعام (۶): ۱۵۸.

4.التوبة (۹): ۵.

5.التوبة (۹): ۱۱، وتمام الآية: «فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِى الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ».

6.البقرة (۲): ۸۳.

7.التوبة (۹): ۲۹.


مختصر تفسير القمّي
206

قالت: نعم، جئت عائذة بك، فاعف عنّي.
قال: «عفوت عنك».
فقالت: يا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إنّ أبا سفيان رجل ضيّق، فربما أخذت من ماله شيئاً بغير إذنه، فأصلحت به أمر ولده؟
فقال: «لا حرج عليك».
وكان أبوذرّ صديقاً لسهيل بن عمرو في الجاهلية، فأتى منزله، فكتم نفسه عنه ثمّ دخل عليه وقال: ما يمنعك أن تدخل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله؟ قال: أخافه. فأتى أبوذرّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله‏فقال: يا رسول اللَّه، سهيل بن عمرو؟
قال: «قد آمنّاه، وأجّلناه في إسلامه».
فرجع وأخبره، فاستقرّ ۱ سهيل، فلمّا نزلت سورة براءة وأمر بقتل المشركين حيث وجدوا، استثنى هؤلاء الذين أجّلهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بقوله: «إِلَّا الَّذِينَ عَهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ».
وقام ۲ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بالأبطح، فقيل: يارسول اللَّه، ألا تنزل منزلك بشعب عبد المطلب؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل منزلاً؟»، وكان عقيل لمّا خرج رسول اللَّه وهاجر، باع منازل رسول اللَّه وأمير المؤمنين عليهما السلام .
وأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله عتاب بن أسيد أن يصلّي بالناس في المسجد الظهرين والعشاء الآخرة، وكان هو يصلّي بالناس المغرب والغداة.
فأقام بالأبطح خمسة عشر يوماً، فلمّا بلغه خبر هوازن واجتماعهم بذي المجاز، تهيّأ وأمر بالرحيل نحوهم.
[ ۱۲ ] قوله: «وَإِن نَكَثُوا أَيْمَانَهُم»...الآية، قال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما قاتلت الفئة الناكثة إلّا بهذه الآية: «وَإِن نَكَثُوا أَيْمَانَهُم»...الآية». ۳

1.في «ب»: «فاستهل»، من الاستهلال، وهو الصياح من الفرح.

2.في «أ»: «وقال». وقال - من القيلولة - وهو النوم قبيل الظهر.

3.روى معناه عبد اللَّه بن جعفر الحميري في قرب الإسناد، ص ۴۶ والشيخ في الأمالي، ج ۱، ص ۱۳۰. ورواه الحسكاني في شواهد التنزيل، ج ۱، ص ۲۰۹، ح ۲۸۰.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82049
صفحه از 611
پرینت  ارسال به