205
مختصر تفسير القمّي

بذمّتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، ولا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها، واتّقوا اللَّه الذي أنتم به مؤمنون» ثمّ نزل. ۱
أقول: اليوم، المعمول عند الإمامية: أنهّما ينكحان بإذن العمّة والخالة.
وقعد للبيعة، فأقبل الرجال يبايعونه حتّى زالت الشمس، فصعد بلال الكعبة وأذّن، فلمّا قال: أشهد أن لا اله إلّا اللَّه، لم يبق صنم في مكّة إلّا سقط لوجهه، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لمّا طاف بالبيت كان حول الكعبة ثلاث مائة وستون صنماً، بعضها مرصوصة بالرصاص، فلمّا طاف بالبيت كان يشير إلى صنم صنم فيقع لوجهه، وكان هبل على الكعبة، وكان أعظم أصنامهم، فقال لعليّ: «اصعد الكعبة وارم به» فصعد ورمى به إلى الأرض.
وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «اللّهم اهد قومي فإنّهم لا يعلمون».
فلمّا صلّى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله الظهر والعصر قعد لبيعة النساء، فجاءت اُمّ لحكيم بنت الحرث بن هشام، وكانت امرأة عاقلة، فقالت: بأبي أنت واُمّي يا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، زوجي عكرمة آمنه، قال: «قد أمنته».
ودعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بقدح من ماء، فأدخل يده فيه ثمّ قال للنساء: «ادخلن أيديكنّ في الماء؛ فإنّي لا أصافح النساء»، فنزلت عليه هذه الآية: «يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ»...الآية ۲ ، فقالت اُمّ حكيم: يا رسول اللَّه، ما ذلك المعروف الذي أمرنا اللَّه أن لا نعصيك فيه؟
فقال: «لا تخمشن وجهاً، ولا تلطمن خدّاً، ولا تنتفن شعراً، ولا تخرقن جيباً، ولا تسوّدن ثوباً، ولا تدعونّ بويل،ولا تقمن عند قبر».
وكانت هند بنت عتبة حضرت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قد أمر بقتلها، فلمّا سمعت قول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ»، قالت: أمّا الأولاد فقد ربّيناهم صغاراً وقتلتهم كباراً.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «أنت هند؟»

1.روي معناه في بحار الأنوار للعلّامة المجلسي، ج ۲۱، ص ۱۳۲.

2.وتمام الآية: «يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى‏ أَن لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ». الممتحنة (۶۰): ۱۲.


مختصر تفسير القمّي
204

وأمّا ابن خطل، فدخل تحت أستار الكعبة، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «أخرجوه، واضربوا عنقه». فضربت عنقه.
وقتلت القينتين، وهربت سارة.
ودخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على راحلته المسجد، ونزل الصحابة فمشوا بين يديه، وقد أحاط عامة الخيل بالمسجد من النواحي كلّها، فلمّا دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله على راحلته وقف عند الحجر الأسود وكبّر، وكبّر أصحابه تكبيرة عظيمة، ثمّ احتضن الحجر فقبّله، وطاف على راحلته سبعة أشواط وأصحابه يمشون معه، ثم نزل عند المقام وصلّى ركعتين، ودعا عثمان بن طلحة، فقال: «هات المفتاح». فأتاه به فعثر وسقط المفتاح من يده، فستره بثوبه، وأخذ المفتاح وفتح الباب ودخل، فرأى في البيت صوراً قد صوّرت في جدران الكعبة، فمحاها، ثمّ صلّى عند كلّ زاوية ركعتين، ثمّ خرج ووقف على باب الكعبة، وقريش كلّهم في المسجد، فأخذ بعضادتي الباب فقال: «لا إله إلّا اللَّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللَّه العليّ العظيم، لا إله إلّا اللَّه الرحمن الرحيم، لا إله إلّا اللَّه العزيز الحكيم، لا إله إلّا اللَّه وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد ربّ العالمين».
ثمّ قال: «ألا يامعشر قريش، بئس جيران لي كنتم، خذلتموني وكذبتموني وأخرجتموني من مكّة، وقاتلتموني، فما ذا تقولون ؟ وما ذا تظنّون؟». فقالوا: نقول خيراً ونظنّ خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، وذو شرف قديم، وقد رأست، فاصنع ما يشبهك.
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: «فإنّي أقول لكم كما قال أخي يوسف: «لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ» ۱، إنّ اللَّه حرّم مكّة يوم خلق السماوات والأرض، لم تحلّ لأحد قبلي ولا تحلّ لأحد بعدي، ولم تحل لي إلّا ساعتي هذه» ثمّ قال: «ألا إنّ كلّ دم كان في الجاهلية فإنّه موضوع تحت قدميّ، وأوّل دم أضع: دم ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وكان قتلته هذيل، وكلّ مأثرة كانت في الجاهلية فهي مردودة إلّا سقاية الحاجّ وسدانة الكعبة؛ فإنّهما مردودتان إلى أهليهما ، والمؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، يسعى

1.يوسف (۱۲): ۹۲.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82056
صفحه از 611
پرینت  ارسال به