209
مختصر تفسير القمّي

وحمزة والعبّاس وشيبة، فإنّهم فخروا بالسقاية والحجابة [وعمارة المسجد الحرام ]فأنزل اللَّه الآية». ۱
وذلك أنّهم اختصموا، فقال شيبة لعليّ: أنا أفضل، لأنّ حجابة البيت بيدي وعمارته. وقال العبّاس: أنا أفضل، لأنّ سقاية الحاجّ بيدي. فقال عليّ عليه السلام: «أنا أفضل، لأنّي آمنت باللَّه قبلكما وهاجرت وجاهدت. فقالوا: نرضى برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله [حكماً ]فصاروا إليه وأخبروه بذلك [فنزلت‏] الآية».
[ ۲۰ ] ثمّ وصفه فقال: «الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُوا»... الآية، نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام، ولفظها عامّ ومعناها خاصّ.
كقوله : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ» ۲ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة.
ومثله: «الذينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ إنّ النَّاس»...الآية ۳ .
ومثله في قصّة أبي لبابة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَتَخُونُوا اللّهَ وَالرَّسُولَ»...الآية ۴ .
[ ۳۰ ] قوله: «وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ»...الآية، روي عن رسول اللَّه، قال: «اشتدّ غضب اللَّه على اليهود حيث قالوا: عزير ابن اللَّه، واشتدّ غضب اللَّه على النصارى حيث قالوا: المسيح ابن اللَّه، واشتدّ غضب اللَّه على من أراق دمي وآذاني في عترتي». ۵
[ ۳۱ ] قوله: «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِن دُونِ اللّهِ»، قال الصادق عليه السلام ۶ : «واللّه ما صاموا ۷ ولا صلّوا، ولكن حلّوا لهم حلالاً وحرّموا حراماً فدانوا به، وعبدوهم ۸ من

1.الممتحنة (۶۰): ۱ - ۱۰.

2.رواه البحراني في البرهان، ج ۲، ص ۷۴۸، عن تفسير القمّي.

3.فإنّ المراد بالناس: نعيم بن مسعود، راجع تفسير الآية ۱۷۳ من سورة آل عمران.

4.الأنفال (۸): ۲۷.

5.روى معناه في تفسير العيّاشي، ج ۲، ص ۸۶، ح ۴۳؛ والأمالي للشيخ الصدوق، ص ۲۲۳؛ وشرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي، ج ۲، ص ۴۸۱.

6.في «ب» و «ج»: «عن الصادق عليه السلام قال».

7.في «ب» زيادة: «لهم».

8.في «ب» و «ج»: «فعبدوهم».


مختصر تفسير القمّي
208

ثناؤه في أوّل السورة التي يذكر فيها الذين كفروا، فقصّ قصّتهم، فقال: «فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى‏ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنَّاً بَعْدُ» ۱، يعني: بعد السبي منهم «وَإِمَّا فِدَاءً»، يعني: المفاداة بينهم وبين أهل الإسلام. فهؤلاء لا يقبل منهم إلّا القتل أو الدخول في الإسلام، ولا يحلّ لنا نكاحهم ما داموا في الحرب.
وأمّا السيف الملفوف ۲ : فسيفٌ على أهل البغي والتأويل، قال اللَّه عزّ وجلّ: «وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الاخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِى‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ»، فلمّا نزلت هذه الآية قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله: إنّ منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التّنزيل، فسئل صلى اللَّه عليه وآله من هو؟ قال: هو خاصف النعل، يعني: أمير المؤمنين عليه السلام.
وقال عمار بن ياسر: قاتلت بهذه الراية مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ثلاثاً وهذه الرابعة، واللَّه لو ضربونا حتّى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنّا على الحقّ وأنّهم على الباطل. فكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام على ما كان من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله في أهل مكّة يوم فتح مكّة، فإنّه لم يسب لهم ذريّة، فقال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام فيهم: لا تسبّوا لهم ذريّة، ولا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبراً، ومن أغلق بابه فهو آمن.
وأمّا السيف المغمود: فالسيف الذي يقام به القصاص، قال اللَّه تعالى:
«النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالانْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ» ۳
، فيسلّمه إلى أولياء المقتول ۴ وحكمه إلينا.
فهذه السيوف بعث اللَّه بها نبيّه صلى اللَّه عليه وآله، فمن جحدها أو جحد واحداً منها أو شيئاً من سيرتها وأحكامها فقد كفر بما أنزل اللَّه على محمّد صلى اللَّه عليه وآله». ۵
[ ۱۹ ] قوله: «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ»...الآية، عن الباقر عليه السلام:
«أنّها نزلت في عليّ عليه السلام

1.محمّد صلّى اللَّه عليه وآله وسلم (۴۷): ۴.

2.في الكافي: «المكفوف».

3.المائدة (۵): ۴۵.

4.في «ب»: «القصاص».

5.رواه البحراني في البرهان، ج ۵، ص ۱۰۸، عن تفسير القمّي. وراجع أيضاً الكافي، ج ۸، ص ۱۸۰، ح ۲۰۲. هذا، ولم يذكر المؤلّف تفسير الآيات ۱۱ - ۱۸، فراجع الأصل.

  • نام منبع :
    مختصر تفسير القمّي
تعداد بازدید : 82057
صفحه از 611
پرینت  ارسال به